-->

الاثنين، 25 مارس 2019

المؤسّسة العسكرية.. الكلمة الأخيرة!





ارتفع سقف المطالب خلال المسيرات المليونية، على مدار خمس جمعات، منذ 22 فيفري الماضي، فمن المطالبة بإسقاط “العهدة الخامسة”، إلى رفض “تمديد” العهدة الرابعة وتأجيل الرئاسيات والندوة الوطنية، إلى المطالبة بالتغيير الجذري للنظام، ورفع شعارات “ارحلوا” و”تروحو قاع”، ظلت المؤسسة العسكرية، البوصلة التي يترقب الشارع، ومعه المعارضة والموالاة، تجاهها، للاطمئنان على مستقبل الجزائر، بينما رفع المتظاهرون شعار “الجيش جيشنا”.
لقد ظلت المؤسسة العسكرية، طوال مدّة الحراك الشعبي، في منزلة الإجماع ومراتب الاحترام والتقدير، لدى الرأي العام، وقد عبّر الحراك الشعبي عن موقفه عندما رفع منذ الجمعة الأولى، وإلى الخامسة، يافطات وشعارات تخاطب القلوب والعقول وسيادة الجزائر بعبارة: “الجيش.. الشعب.. خاوة خاوة”، وهو ما أبعد مؤسسة الجيش، برأي مراقبين، عن “الرياح” التي هبّت على باقي المؤسسات الأخرى، بدءا من الرئاسة إلى الحكومة والبرلمان ومختلف الهيئات السياسية والتنفيذية التي رفضها الشارع.

الضامن والمرافق في التغيير السلس

ولأن الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني، هو برأي أوساط مراقبة، “الضامن” و”المؤثر”، في أيّ تغيير سلس، فقد توجّهت أحزاب المعارضة، في اجتماعها أوّل أمس، بـ”نداء” إلى المؤسسة العسكرية، تطلب منها “يد المساعدة” لتحقيق مطالب الشعب المشروعة، ومرافقتها، وفق ما تقتضيه مهامها الدستورية، واستنادا إلى احترام الإرادة الشعبية.
المعارضة فسّرت طلبها إلى الجيش، وأكدت أنه ليس “طلبا للتدخل في السياسة”، ولكنه نداء من أجل “المساعدة” على الاستجابة لمطالب الملايين من الجزائريين، الذين بحّت حناجرهم لخمس جمعات، وهم يطالبون النظام السياسي، بالرحيل، وسماع صوت الشعب، الذي قال “لا” لكلّ المتورطين في الأزمة، والدافعين إلى الانسداد، والرافضين الحلول السلمية التي يطالب بها الشعب الجزائري، من خلال “استقالة” رئيس الجمهورية، أو انسحابه فور انتهاء عهدته الرابعة بتاريخ 28 أفريل القادم، والتأسيس لمرحلة انتقالية، تمهّد لتدارس البدائل التي يزكـّيها الجزائريون من أجل مستقبل أفضل.
ويبرّر مراقبون، “الاستنجاد” بالمؤسسة الصامتة، انطلاقا من أنها خاصة في الوقت الراهن، المؤسّسة الدستورية الوحيدة، المسموعة من كلّ الأطراف، سواء من الموالاة أو المعارضة، والأهم من ذلك، أن الأحداث المتتالية أثبتت أنها المحترمة من طرف الحراك الشعبي، وإلى جانبها الأجهزة الأمنية السيادية، ومنها الشرطة التي رافقت المتظاهرين، واحتفلت معهم أحيانا، ولم تلجأ إلى القمع ضدهم، وهو ما أكسبها تضامن وتآزر المطالبين بتغيير النظام السياسي.
ويعتقد متابعون لمجرى الأحداث المتسارعة، أنه من الطبيعي أن ينتظر الجميع “دورا إيجابيا” للمؤسّسة العسكرية، خاصة في هذا الظرف الاستثنائي، والمنعرج الحاسم، الذي اشترط فيه الشعب “رحيل الرئيس ورموز النظام”، كعربون للانطلاق في بناء الجمهورية الجديدة، وهي المطالب التي دعت المعارضة، الجيش، إلى مرافقة تحقيقها الذي لا يعني حسبها الإملاء وفرض الحلول.

الجيش.. “كلمة السرّ” ومفاتيح النجاة

محلّ الجيش من إعراب الحراك الشعبي، كان قد قرأته الرسائل المتوالية لنائب وزير الدفاع، رئيس الأركان، الفريق أحمد قايد صالح، الذي عبّر منذ البداية عن انسجام الجيش مع شعبه، وافتخارهما ببعضهما البعض، فـ”الجيش هو الشعب”، مثلما قال مرارا وتكرارا في تدخلاته أمام الإطارات وكبار الضباط.
وكانت آخر تصريحات رئيس الأركان، من بشار، عندما وجّه رسائل “مشفّرة” وواضحة لتجاوز الأزمة، وصفّق لها الحاضرون من إطارات الجيش، حيث أكد إنه “لكل مشكلة حلّ، بل حلول، ويجب التحلي بروح المسؤولية لإيجادها في أقرب وقت”، مبرزا إن “الجيش يفتخر بأنه من صناع مستقبل أفضل وهذه القدرة يستلهمها من شعبه”.
وباسم العسكر، أكد الفريق ضمن إشارته إلى “مفاتيح الحلّ”، على أن “التضحية ونكران الذات في أزمات سابقة أخرج الجزائر منتصرة وأكثر قوة وصلابة”، مضيفا “الأمل يحمل في طياته البشرى بغد أفضل وبالقدرة على ربح الرهانات”، كما أكد بلغة تبديد القلق أن “الروح الوطنية للجزائريين على مدى التاريخ مكنتهم من تجاوز كلّ الأزمات”، موجّها رسالة إلى المتظاهرين بقوله: “الشعب الجزائري في هذه الظروف أثبت حسّا ووعيا وطنيا وحضاريا أذهل الجميع في كافة أصقاع العالم”، مطمئنا “الجيش سيكون دوما الحصن الحصين للشعب والوطن في جميع الظروف والأحوال”.
هذه الرسالة، أعطت الانطباع برأي ملاحظين، بأن مؤسسة الجيش، باعتبارها “الحصن الحصين”، لن تبقى مكتوفة الأيدي، ولا متفرّجة على هبّة شعبية نادرة منذ الاستقلال، لن تقطف ثمارها، بعدما أذهلت العالم بالسلمية والتحضّر والنضج، إلاّ إذا تكاتفت كلّ الأيادي الآمنة والخيّرة التي لا ترضى إلا الخير للجزائر.
تعليقات فيسبوك
0 تعليقات بلوجر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إتصل بنا

الإسم الكريم البريد الإلكتروني مهم الرسالة مهم
كافة الحقوق محفوظةلـ . 2016
تصميم: حميد بناصر