يعيش قطاع التربية في الأيام الأخيرة غليانا وعدم استقرار، فمن جهة ترى نقابات التربية المنضوية تحت لواء التكتل النقابي، أن التقاعد النسبي حق مكتسب ولا تنازل عنه، حتى بتعطيل الدراسة في عز فروض الفصل الأول، وهو السلوك الذي تستنكره جمعيات أولياء
التلاميذ، معتبرة أن سن الـ60 هو سن العطاء في التعليم... والطريقة نفسها لجأ اليها كثير من تلاميذ الثانويات، فامتنعوا عن الدراسة محتجين على رزنامة البكالوريا، ومعتبرين أن الحجم الساعي المكثف لـ"الباك" سيشتت تركيزهم في رمضان، في حين أضرب تلاميذ آخرون محتجين على غياب أساتذة مادتي الرياضيات والفيزياء منذ الدخول المدرسي، أما أغرب احتجاج فخاضه تلاميذ متقنة ابن الهيثم بالعاصمة، فامتنعوا عن الدراسة، مطالبين بالأفراح عن زملائهم "المُخربين" والمحبوسين، اثر اقتحامهم المتقنة ملثمين لإحداث فوضى...
هذه الأحداث وأخرى، دفعت "الشروق" لجمع الخبراء والنقابات والأساتذة وأولياء التلاميذ في ندوة، برر فيها كل طرف موقفه من الأحداث، وأعطى الحلول التي يراها مناسبة...
علي بن زينة رئيس المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ:
الإضراب دفع بالتلاميذ إلى الشارع
أصحاب قرار إعادة برمجة البكالوريا لم يتحصلوا على بكالوريا
قال رئيس المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ، علي بن زينة، إن الوزارة اتخذت القرارات التي تُناسبها، من دون أن تراعي وضعية التلاميذ، والسبب راجع إلى عدم التأطير والتنسيق مع الشركاء الاجتماعيين من جمعيات أولياء التلاميذ والنقابات وغيرها، حيث صرح بن زينة بأن أمر تقليص أيام البكالوريا من 5 إلى 3 أيام ليس في صالح المترشحين كما تدعي الوزارة الوصية، متسائلا عن سبب تطبيق سياسة التقشف في امتحان شهادة البكالوريا الذي يعتبر امتحانا مصيريا ومهما، حسبه، من دون باقي الامتحانات العادية؟.
وأكد بن زينة في سياق ذي صلة، أن المسؤولين الرئيسيين عن اتخاذ هذه القرارات على مستوى امتحان مهم كالبكالوريا، وعددهم 5 ليس لديهم بكالوريا ولم يسبق لهم أن تحصلوا عليها، وهذا الأمر بالذات يبعدهم عن التفكير بشكل جدي ومنطقي في تلاميذ البكالوريا، حيث قال إن جميع التعديلات التي وقعت على مستوى هذا الامتحان لم تراع فيها الوزارة وضعية التلاميذ، خاصة أولئك الذين يقطنون بالمناطق النائية، أين ستبلغ درجة الحرارة أقصى مستوياتها، فضلا عن مشكل النقل وانعدام الماء في المراكز وغيرها من العوائق التي ستؤثر بالسلب على المترشحين، وأضاف بن زينة، أن وزارة التربية تريد فرنسة المنظومة التربوية من خلال اعتمادها على نفس النظام الذي تسير به فرنسا، وأكبر دليل على ذلك حسب بن زينة، هو التعليمات التي أصدرتها مؤخرا، والقاضية بملء الاستمارات باللغة الفرنسية، قائلا إن الأمر هنا لم يمُس التلاميذ فقط، وإنما مسّ الدستور الجزائري وضرب بتعليمات الوزير الأول عبد المالك سلال التي أمر فيها بتعريب الإدارات الجزائرية، عرض الحائط، وتساءل في سياق ذي صلة، لماذا تتبع وزارة التربية والتعليم، فرنسا، في تسيير المنظومة التربوية، من دون غيرها من الدول التي لا تعتبر امتحان شهادة البكالوريا امتحانا مصريا، وإنما تعتمد على تقييم التلاميذ على مدار جميع السنوات الدراسية؟؟.
وأضاف بن زينة، أن قرارات الوزارة المتسرعة التي لم تراع فيها ظروف التلاميذ ولم تحترم فيها القوانين المعمول بها في الدستور الجزائري، ولم تأخذ أثناء إصدارها آراء الشركاء الاجتماعيين والنقابات، كانت سببا في تواجد الأولاد بالشارع اليوم.
وفيما يتعلق بالإضراب الذي دخلت فيه النقابات منذ 3 أيام أكد بن زينة، أنه كرئيس للمنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ ضدّ الإضراب، لأن الإضراب، حسبه، سيشل التدريس وبالتالي سيؤخر المقرر الدراسي، كما سيدفع التلاميذ إلى الشارع، مضيفا، أن المضربين استخدموا التلاميذ كرهينة للدفاع عن حقوقهم، وقال إن المشكل الرئيسي يكمن في الوزارة الوصية، التي فشلت في شدّ العصا من النصف وفشلت في تسيير المنظومة التربوية على الجهتين وأسقطت بذلك التلاميذ في حفرة لا مخرج منها، خاصة أن المسيطرين على المنظومة التربوية لا يتعدى عددهم 7، وهؤلاء تجاهلوا جميع الشركاء الاجتماعيين.
وصرح بن زينة، بأن الوزيرة الوصية وقعت في الكثير من المغالطات من دون أن تدفع ثمنها، وقد قالت "إن الأساتذة الذين تتجاوز أعمارهم 50 سنة، نخصص لهم أقساما خاصة من 15 إلى 20 تلميذا كأقصى حد"، وهنا تسعى إلى خلق أقسام خاصة في المدارس العمومية، سيبحث عنها جميع الأولياء وخاصة الأثرياء منهم وبالتالي ستوقع الأساتذة في فتنة ليس لها نظير. وطالب بن زينة الأساتذة بالبحث عن حلول لمشاكلهم بطرق أخرى غير الإضراب لتفادي إخراج التلاميذ إلى الشارع.
مسعود بوديبة المكلف بالإعلام بالمجلس ثلاثي الأطوار للتعليم "كنابست":
تغيير هيكلة امتحانات الباك ستكون عواقبها وخيمة
طالب المكلف بالإعلام بنقابة "الكنابست"، مسعود بوديبة، وزارة التربية الوطنية بضرورة الإفراج عن مشروع إعادة هيكلة البكالوريا الذي وضع على طاولة الحكومة، لمعرفة محتواه بعدما تم إعداده في سرية تامة، متهما أطرافا بمحاولة ضرب المرجعية العلمية للجزائر.
وعبر بوديبة عن أسفه من إقصائهم من طرف وزارة التربية للعمل ضمن اللجان والجلسات المبرمجة لوضع الهيكلة الجديدة لامتحان البكالوريا، مشددا على أنهم حذروا في العديد من المرات من المساس بهيكلة البكالوريا في الوقت الراهن كون أي إجراء من هذا القبيل سيدخل القطاع في متاهات غير محمودة العواقب.
وشدد بوديبة على ضرورة العودة إلى البطاقة التركيبية، وانتهاج رؤية جديدة شاملة لإعادة هيكلة التعليم الثانوي ككل من خلال تغيير المواد وعدد الأيام، والعودة إلى المعايير السابقة ما دام الأساس في العملية البيداغوجية هو التدرج على أن تكون البرامج الدراسية في جميع الأطوار مترابطة مع بعضها البعض، ليبقى امتحان البكالوريا بمثابة امتحان تقييمي فقط. وانتقد بوديبة "التسرع" في تغيير برنامج البكالوريا من خلال التأكيد أن الأولى بوزارة التربية كان الإفراج عن نتائج تحقيق التسريبات ومعرفة المسببات الحقيقية من أجل وضع مخطط عمل. وبخصوص تواريخ البكالوريا، يرى بوديبة "أن الوزارة كل مرة تقع في حالة تخبط، ففي 2014 برمجت امتحان الباك في 14 جوان ثم قدمته إلى 3 جوان، وفي 2015 برمجوه في 12 جوان ثم تراجعوا وغيروه إلى 29 ماي..."
خالد حرز الله أمين وطني بالنقابة الوطنية لعمال التربية "أسانتيو":
الأستاذ لن يتمكن من التدريس فوق سن الخمسين
أكد خالد حرز الله، أن تزامن شهر رمضان مع امتحانات شهادة البكالوريا وتقليص المدة الزمنية لـ"الباك" هو أمر عادي سبق أن طالبنا به، ولن نتكلم عنه إلاّ بعد اطلاعنا على محتوى الأسئلة، فإذا جاءت كما يريدها التلميذ والأستاذ "فنحن نباركها".
وبخصوص مسألة الإضرابات، استغرب المتحدث، إلصاق عدة تهم بالنقابات المضربة، وكأنها ارتكبت جرما عظيما، مؤكدا "أن الإضراب هو وسيلة لاستعادة الحقوق وليس هدفا بعد ما سُدّت أبواب الحوار"، معتبرا أن قانون التقاعد النسبي هو ساري المفعول منذ 1997 أي في عز الأزمة. وعقّب حرز الله على مسألة أن سن 60 هو للعطاء، فقال "يستطيع الشخص أن يعطي في سن 60 عندما تتوفر له ظروف العمل المناسبة، أما الآن فمن يصل 60 وهو مايزال حيا أو سليما صحيا فهذه معجزة... خاصة وأن بعض الأساتذة يُدرّسون 73 تلميذا في القسم ويعملون بنظام الدوامين طيلة الأسبوع"، ومؤكدا أن غالبية الإطارات النقابية المدافعة عن حق العمال تجاوزت مدة 32 سنة عمل، وهي "ليست بحاجة لاستغلال التلاميذ في إضرابها كما يتهمها البعض" وموضحا "نحن ندافع عن حق الأجيال القادمة في مٌكتسباتها..."
واعتبر القيادي في الأسانتيو، أن خروج 40 ألف أستاذ للتقاعد "هو أمر مقصود لإحضار جيل جديد منصاع للأوامر، أما الكارثة فهي المستوى المتدني جدا لكثير من الأساتذة الجدد".
عز الدين زروق عضو المكتب الوطني للجمعية الوطنية لأولياء التلاميذ:
بعض الأساتذة يتقاعدون ليتفرغوا للدروس الخصوصية
اعتبر عز الدين زروق، أن مشاركتهم في النقاشات حول اصلاح البكالوريا مع وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط، كانت بقتديمهم مطالب بالمحافظة على الهوية الوطنية، وتقليص مدة امتحان البكالوريا، والبطاقة التركيبة، ويضيف "الوزارة أدرجت 3 مواد يوميا في إمتحان البكالوريا، وتعهدت بأن تكون الأسئلة خفيفة، ونحن ننتظر ولا نريد التهويل، لأن العناد والتعنت لا تؤدي لحل، وكهربة الجو لا تزيد الوضع الا تعفنا"، وأعاب المتحدث على الوزارة عدم الجلوس مع الشركاء على طاولة الحوار، داعيا لوقف الارتجالية وعدم الاستشارة.
وبخصوص موضوع الإضراب، أكد ممثل الأولياء أنهم ضد الإضراب، ولكن "أن يهرب أستاذ له 29 سنة خبرة في التعليم، تحت ضغط مبررات وضغوط غير معقولة" حسب تعبيره، سينعكس سلبا على تحصيل التلاميذ، خاصة وأن جميع الأساتذة الخارجين للتعاقد، يعتبرون مُكونون، وهذا هدر للكفاءة الجزائرية.
ويقترح زروق، في حال أصرّت الحكومة على إلغاء التقاعد النسبي، أن تُمكن الأستاذ المتعاقد من المشاركة في ملتقيات وتكوينات. وانتقد المتحدث ظاهرة إصرار بعض الأساتذة على الخروج للتقاعد، لتوجههم مباشرة نحو الدروس الخصوصية.
ودعا ضيف "الشروق"، الأساتذة المضربين لتعويض الساعات الضائعة للتلاميذ، متسائلا عن سبب عدم لجوء النقابات إلى الاحتجاج فقط أمام البرلمان، دون المساس بحق التلميذ في التعلم.
ليوجه في الختام استفسارا لممثلي النقابات الحاضرين، عن سبب غيابهم عن جلسات الحوار مع وزير العمل حول ملف التقاعد مثلما كانوا يطالبون؟ ليجيبه الحاضرون، بأنهم اجتمعوا مع وزيرة التربية، وهي من عرضت عليهم سعيها لملاقاتهم مع وزير العمل الغازي محمد، ولم يجيبوها بالقبول، لتدعوهم الوزيرة عشية الإضراب لملاقاة الغازي، فحضر البعض منهم فقط.
عائشة سعيداني كاتبة مكلفة في المنظمة الوطنية لجمعية أولياء التلاميذ:
الإضراب سيخرج التلاميذ إلى الشارع
صرحت عائشة سعيداني، كاتبة مكلفة بالمنظمة الوطنية لجمعية أولياء التلاميذ، أن الإضراب، سيضيف الطين بلة ويحطم التلاميذ أكثر ممّا حطمته الوزارة، وقالت أنها ليست ضد الأستاذ لكنها ضد الإضراب، وطالب في هذا الشأن الوزارة الوصية بالتدخل وإيجاد حلول للأساتذة حتى يعودوا إلى مقاعد عملهم.
عُضو المكلف بالإعلام في الإتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين "اينباف":
العمال يذبحون الآن من طرف الإمبريالية الجديدة
خروج 50 ألف أستاذ للتقاعد مؤامرة على الأمة
اعتبر جيلالي بلخير أن تجاهل وزارة التربية كل مرة لعملية التواصل مع النقابات، هو ما يؤزم الأوضاع، رغم أن التواصل حسب تعبيره "اضافة ايجابية للقطاع". وبخصوص البكالوريا، قال "إصلاح شهادة البكالوريا جاء في غفلة عنا، وهدفه تمرير أشياء أخرى.. مادمنا قد قيمنا سابقا التعليم الابتدائي والمتوسط، لماذا تجاهلت الوزارة تقييم التعليم الثانوي، ومن ثم القفز إلى إصلاح البكالوريا".
وعاود المتحدث، التطرق لجلسات المناقشة التي جمعتهم مع الوزيرة نورية بن غبريط، واقتراحاتهم حول "الباك". فمع أن الوزارة لم تأخذ بجميع مقترحاتهم، وتسرّعت في تطبيق مناهج الجيل.. ومع ذلك يرى بلخير، أن تقليص الحجم الساعي لامتحانات البكالوريا "ليس اشكالا وهي قضية تقنية"، لأن الأساتذة هم من قرّر ذلك.. ولابدّ من إعادة الثقة للأستاذ"، ولكن بشرط تناسب أسئلة الامتحان مع الحجم الساعي، يقول المُتحدث. رغم اعترافه بأن تقليص أيام البكالوريا، هو قبل كل شيء مطلب سياسي واقتصادي لا علاقة له بالجانب التربوي.
وبخصوص موضوع الإضراب، نفى القيادي في "اينباف "، اتخاذهم التلاميذ كرهائن، ومصرحا "التلاميذ والعمال كلاهما رهينة الآن عند الحكومة". واستغرب المتحدث التهرب المفضوح للحكومة من الجلوس على طاولة الحوار مع النقابات المستقلة منذ بدء أول اضراب في 12 ماي المنصرم، متسائلا "ماذا تخسر لو جلست معنا ساعة واحدة ثم تتخذ ما تره مناسبا"، وما يثير الاستغراب أكثر حسب تعبيره "أن رئيس أرباب العمل "الأفسيو" هم من أعلن عن قرار إلغاء التقاعد المسبق"، مستنتجا أن "العمال يُذبحون اليوم من طرف الامبريالية الجديدة.. فالوداع على الدولة الاجتماعية". واعتبر المتحدث، أن القطاعات التي شاركت في التكتل النقابي، قدمت خدمة لباقي القطاعات في ظل تعنت الحكومة. وبلغة الواثق من نفسه، أكد بلخير أنهم لن يتراجعوا عن مطالبهم، ويحضرون لمسيرات وحركات احتجاجية، كما سيعقدون اجتماعا بعد المصادقة على القانون بالبرلمان.
ووصف بلخير، ظاهرة مغادرة أكثر من 50 ألف كفاءة للتدريس، وبعضهم يريد البقاء لسنة أو سنتين إضافيتين " بالمؤامرة على الأمة".
الدكتور خلوف حمودي أستاذ مكون بجامعة الجزائر:
تقليص أيام امتحان البكالوريا قرار ارتجالي وسيلغى بعد سنة أو سنتين
تعويضات الحراسة والتصحيح إهانة كبيرة للأساتذة
تأسف الدكتور حمودي خلوف، الأستاذ المكون في المدرسة العليا للأساتذة، من الحالة التي آل إليها قطاع التربية، ولا مبالاة المسؤولين تجاه الأساتذة من خلال تخصيص منحة "زهيدة ومهينة " للمستخدمين في تأطير امتحانات نهاية السنة، حيث لا تتجاوز قيمتها 3 آلاف دينار مقابل عشرة أيام من الخدمة، في مقابل تمنح 9 آلاف دينار لمؤطري الانتخابات، متسائلا عن وجهة الملايير من حقوق التسجيل التي يحصلها ديوان المسابقات سنويا.
وانتقد الدكتور خلوف بشدة الهيكلة الجديدة لامتحانات البكالوريا التي أفضت إلى رفع عدد المواد التي يمتحن فيها المرشحون في اليوم الواحد ما خلف قضاء الممتحنين سبع ساعات يوميا في قاعات الامتحان، واصفا ذلك القرار بـ "الارتجالي" الذي سيلغى بعد سنة أو سنتين على أكثر تقدير، جاء استجابة لمطلب سياسي إثر الأزمة المالية التي تمر بها البلاد نتيجة تراجع أسعار البترول، هدفه تقليص المصاريف من خلال تقليص أيام الامتحان.
وانتقد المتحدث بشدة "الفردانية" في اتخاذ مثل هذه القرارات المهمة من طرف وزارة التربية، معتبرا أنه كان يتوجب عليها مشاورة جميع الأطراف بمن فيهم الخبراء والنقابات والاستماع لاقتراحات الجميع قبل اتخاذ مثل هذه القرارات.
وقال الدكتور خلوف إن الهيكلة الجديدة اعتمدت فقط على الخبرة البيداغوجية والنظرة التقنية، من دون الأخذ بعين الاعتبار بالحلول الأخرى التي تكون أفضل من هذا الحل، كون البرمجة الجديدة ستؤدي إلى تكثيف المواد الممتحنة في اليوم، في وقت كانت الوزارة قادرة على الاعتماد على البطاقة التركيبية أو برمجة امتحانات في السنة الثانية وهو ما يجبر الطالب على الالتزام طوال حياته الدراسية من المتوسط إلى النهائي.
وعاب ضيف "الشروق" على السلطات المعنية إقرار منحة زهيدة تهين الأساتذة المقدرة بـ 3 آلاف دينار تصرف عليهم مقابل تأطير الامتحانات طيلة عشرة أيام، واصفا ذلك بسياسة تعذيب للأستاذ، متسائلا في ذات السياق عن وجهة ملايير الدينارات التي يجنيها ديوان المسابقات جراء دفع حقوق التسجيل، التي يرى أنه كان لزاما على المسؤولين صرفها على الأساتذة.
مليكة أقروش أستاذة في مادة الفلسفة:
التعديلات التي وقعت في المنظومة التربوية ستضرب استقرار الدولة
صرحت مليكة أقروش، أستاذة في مادة الفلسفة بثانوية حسين داي بالعاصمة، أن التعديلات التي مسّت شهادة البكالوريا، تريد الوزارة من خلالها، أن تضرب استقرار الدولة حيث قالت في هذا الشأن "إذا أردت أن تهدد استقرار دولة، فخض في منظومتها التربوية"، فالأمر حسب الأستاذة أقروش، لا يتعلق بالمترشحين لهذا الامتحان المصيري فقط، وإنما سيمس استقرار الدولة انطلاقا من إتباع نفس منظومة البلد المستعمر في مختلف الأطوار التعليمية وصولا إلى امتحان شهادة البكالوريا، وشددت الأستاذة أقروش على أن المتضرر الوحيد من هذا الأمر هو الأستاذ قبل التلميذ، حيث قالت في هذا الشأن أن الأستاذ باستطاعته أن يبني التلاميذ إذا وجد ظروفا حسنة يعمل فيها، كما أن باستطاعته أن يحطمه، إذا عمل وسط ظروف سيئة.
وقالت أقروش، أن المشكلة الرئيسية لدى المجتمع الجزائري والنقابات وغيرها، لا يتعلق باللغة الفرنسية، فالمشكلة لا يجب أن تكون في أي لغة من اللغات الأجنبية، حسبها، وإنما في "العقلية" التي تسير بها المنظومة التربوية عندنا، وقالت المتحدثة، إن برمجة امتحانات شهادة البكالوريا في رمضان أمر عادي، فرمضان شهر عمل وعبادة، لكن الأمر غير العادي هو برمجة ثلاث مواد في يوم واحد، حيث أكدت أن هذا الاكتظاظ في المواد سيؤثر على المترشحين بشكل سلبي، لأنهم سيفكرون أولا في المعاملات قبل كل شيء، والأكثر من هذا الوزارة لم تفكر، حسب المتحدثة، في سكان المناطق النائية، الذين سيجتازون الامتحان وسط ظروف كارثية لا توصف، وطالبت من الوزارة توفير الظروف الملائمة للمترشحين من تهيئة ونقل وخاصة سكان المناطق النائية، وذكرت أن تقليص أيام الامتحان من 5 على 3 لن يضيف شيئا للميزانية، سوى أنه يحطم المترشحين ويدمرهم.
وأفادت الأساتذة أقروش، أن الحلّ الوحيد لتحسين المنظومة التربوية، هو الرجوع إلى البطاقة التركيبية التي تتبع التلميذ منذ السنة الأولى ثانوي وإلى غاية البكالوريا، مع مراعاة أمر وضع المواد الثانوية في كل شعبة تحت الخيار..
وبشأن الإضراب الذي انطلق قبل 3 أيام، على مستوى مختلف ولايات الوطن، قالت الأستاذة أقروش، أنها ضد الإضراب، حيث أكدت أنها ليست مضربة ولن تضرب، وصرحت أن قرارات الوزيرة بإلغاء التقاعد النسبي وفرض التقاعد في سن الـ60، أمر عادي، إذ شددت في هذا الشأن على أن التعليم مهنة مقدسة، لم تمنح لجميع الناس، وطالبت من الأساتذة الذين منحت لهم هذه المهنة، احترامها وتقديسها والعمل فيها بنبل وجد واجتهاد، والبحث عن مصلحة التلاميذ بالدرجة الأولى، ثم التفكير بعدها مصالحهم، وأضافت المتحدثة أن أمر التقاعد في سن الـ60 لا حرج فيه، فمن اختار التعليم يجب أن يحبه طوال عمره، وليس لسنوات قليلة يركض فيها خلف الراتب وغيرها من المستحقات المالية فقط.
الدكتور إسماعيل روينة أستاذ بالمدرسة العليا للأساتذة بالقبة:
على الحكومة تعميم نظام المعاشات ومنحة نهاية الخدمة عند إلغاء التقاعد النسبي
أكد الدكتور اسماعيل روينة، أنه سبق له التعامل مع مواضيع البكالوريا كمصحح، ثم رئيس لجنة مداولات، وحسب قوله "كان يترأس لجان المداولات أساتذة من الجامعات، حيث توقع شهادة النجاح في البكالوريا من طرف الجامعة والديوان الوطني للامتحانات"، لكن أبعدت الجامعة تماما من البكالوريا وتحوّل "الباك" إلى شهادة التعليم الثانوي، وبالتالي أصبحت الجامعة غير مجبرة على قبول جميع الطلبة.
وفيما يخص تقليص أيام البكالوريا في دورة 2017، فيرى روينة أن 5 أو 7 أيام غير كافية لتقييم مرحلة بكاملها، وحسبه "التقييم لابد أن يبدأ من الأولى ثانوي مع وضع كامل الثقة في الأستاذ ومراقبته، فنعيد الثقة لمجالس الأساتذة، فـتعطى 50 بالمائة من علامة النجاح في البكالوريا لتقييم التلميذ و50 بالمائة الأخرى للامتحان". واعتبر المتحدث، أن رسوب تلميذ تحصل على معدل 9.99 في البكالوريا أمر غير عادل، وهو ما جعله يطالب بإعادة النظر في طريقة امتحان البكالوريا عن طريقة إعادة الاعتبار لمجالس الأساتذة.
كما اعتبر المتحدث، مسألة احتكار وزير معين لسياسة قطاعه، فتلغى سياسته بمجرد مغادرته، هو "خطأ"، لأن الوزير - حسب تعبيره - عضو في هيئة تنفيذية فقط.
وبخصوص التقاعد المُسبق، شكر المتحدث النقابات المدافعة عن مكتسب التقاعد النسبي، رغم ما تتعرض له من مشاكل، ولكن يرى "سن الـ60 أنسب عمر للعطاء في التعليم، ولكن في ظل توفير ظروف معينة". واعتبر روينة أنه على الحكومة ولتعويض قراراها بإلغاء التقاعد النسبي، عليها أن تلغي أيضا التمييز في نظام المعاشات بين الموظفين و تعمم نظام منحة نهاية الخدمة، لأنّه يستحيل أن يتواجد شخص أكثر عطاء من الأستاذ ".
روينة زوبير عضو المجلس الوطني للثانويات الجزائرية "الكلا":
منحة النواب مجموعة تكفي لتسديد رواتب 5 آلاف أستاذ خلال سنة كاملة
دافع عضو المكتب الوطني لمجلس ثانويات العاصمة، زوبير روينة، عن البرمجة الجديدة لامتحانات شهادة البكالوريا التي تتزامن مع شهر رمضان، مشيرا إلى أنها لن تؤثر على أداء التلاميذ، باعتبار أنهم طالبوا بالتحضير الجيد لها طيلة أيام السنة الدراسية.
وقال روينة في منتدى "الشروق" إن الهيكلة الجديد لامتحانات البكالوريا لا تؤثر على أداء التلاميذ، خاصة أن الحيز الزمني المخصص لكل مادة والبرنامج الكامل لامتحانات البكالوريا ليس مكثفا إلى درجة تأثيرها على الممتحنين، وحتى مصادفة أيام الامتحانات لشهر رمضان والصيام لن تؤثر بالضرورة على المترشحين لهذا الامتحان المهم.
وأبدى روينة معارضة شرسة ضد الموضوع الاختياري الذي يرى بشأنه تكريس عدم الجدية لدى الممتحنين الذين سيكون همهم الوحيد اختيار المواضيع التي يسعون لمراجعتها وليس مراجعة جل البرنامج الدراسي، معتبرا أن اختبار كفاءة التلاميذ تتطلب امتحانا من حيث المضمون، وحتى التخفيف في الامتحانات لابد أن يشمل مضامين الامتحانات وليس إدراج مواضيع اختيارية.
وأفاد روينة بأن التلميذ مطالب بدراسة واستيعاب البرنامج كله لأن العملية البيداغوجية تفرض أن تتماشى مع قرارات التوجيه وجل القرارات المستقبلية التي تهمه.
واستغرب محدثنا كون وزارة التربية لم تراع مصلحة التلميذ، فأعلنت عن رزنامة البكالوريا، شهرين فقط قبل الامتحان، وهو ما وصفه بالأمر غير المنطقي، فتواريخ البكالوريا لابد من الإعلان عنها قبل سنة كاملة. وأكد روينة أن جمع منحة النواب يكفي لتغطية رواتب 5 آلاف أستاذ لمدة عام كامل.
أصداء وكواليس الندوة:
ـ لم يتمالك رئس المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ، علي بن زينة، أعصابه كعادته، وراح يكيل التهم لغريميه (الفدرالية وجمعية أولياء التلاميذ)، مؤكدا أن رئيسيهما ليس لهما أولاد متمدرسون، وهو ما يجعلهما لا يمثلان أولياء التلاميذ، ليرد عليه الحاضرون بأن ولي تلميذ ليس بالضرورة عضوا في جمعية.
ـ تفاجأ الحاضرون كثيرا، لكون المواطن الذي يعمل مراقبا في انتخابات محلية، وغالبيتهم من الطلبة والبطالين يتلقون أجرا بـ 9 آلاف دج عن يوم واحد من الحراسة، في حين يتلقى أساتذة- بعضهم له خبرة 30 سنة عمل- مبلغ 3 آلاف دج عن 5 أيام حراسة في الباك.
ـ ىتأسفت أستاذة الفلسفة أقروش من عدم منح الكلمة لها كثيرا، على غرار بقية الحضور "الذكور"، ما جعلها تنتفض وتطالب بالمساواة...
ـ واجهت الأستاذة أقروش ممثلي النقابات الحاضرين في الندوة، فقالت لهم: "أنا ضد الإضراب، ولن أضرب..."، ومبررها أنها تعشق التدريس، الذي تعتبره "فنا"، واصفة المضربين "بافتقادهم للفن..."، لكنها أكدت للمضربين احترامها لهم، خاصة أن ظروفها المادية ربما أحسن، كونها زوجة وأما.
ـ بمجرد ما طرحنا سؤالا على علي بن زينة، عن رأيه في الإضراب، رد: "عن أي إضراب سنتحدث، عن إضراب الأساتذة أم التلاميذ..."، مؤكدا لنا أن تلاميذ ثانوية بزرالدة دخلوا في إضراب احتجاجا على غياب أساتذة بعض المواد.
ـ اعتبر بن زينة أن تلاميذ الجنوب لن تساعدهم رزنامة البكالوريا، فزيادة على الحرارة المرتفعة وغياب المكيفات، يُمنع التلاميذ حتى من الذهاب إلى المراحيض إن توفرت بها مياه أصلا