-->

الجمعة، 28 أكتوبر 2016

أبناؤنا أبرياء ولن نقبل التضحية بهم لتغطية فضيحة البكالوريا

أجّلت محكمة عبان رمضان بالعاصمة، أمس، وللمرة الثانية، محاكمة المتورطين في قضية تسريب مواضيع امتحان شهادة البكالوريا لدورة ماي 2016، حيث قرّر قاضي الجلسة إرجاءها لتاريخ 10 نوفمبر المقبل.
وقرار التأجيل جاء بطلب من مُحامي الطرف المدني، والمُتمثل في  وزارة التربية الوطنية، الذي تأسّس حديثا في القضية، إلى جانب استدعاء عدد من الشهود، كما رفضت القاضي طلب الإفراج المؤقت عن المتهمين، رغم تقديم دفاعهم كافة الضمانات لمثولهم في الجلسة المقبلة، كما تقدّم الوكيل القضائي للخزينة العمومية بطلب التأسيس طرفا مدنيا.
وحسب الملف القضائي، يواجه المتهمون الأربعة المحبوسون بسجن الحراش، وهم (ي. نجيب) مفتش تربوي بمادة الفيزياء بولاية قسنطينة، (ق. لخضر) مفتش تربوي بمادة الفيزياء ولاية بجاية، (ع. عبد المالك) عون إداري بالديوان الوطني للامتحانات والمسابقات بسطيف، و(م. محمد الأمين) مدير مركزي بالديوان الوطني للامتحانات والمسابقات بالجزائر العاصمة، تهما تتعلق بسوء استغلال الوظيفة، الإهمال الواضح وتواطؤ موظفين.
وقائع القضية التي هزت الرأي العام، تتعلّق بتسريب مواضيع امتحان شهادة البكالوريا، لم تشهدها الجزائر منذ الاستقلال، سرّعت لاتخاذ قرار استثنائي بإعادة امتحان جزئي للمواد المسرّبة. 
فيما حدّدت التحريات الموسعة لمصالح الضبطية القضائية، هويّة نُشطاء عبر صفحات "الفايسبوك" والتي نشرت المواضيع بالأسئلة والحلول، بعد تصويرها وتوزيعها على نطاق واسع، كما أسفرت التحريات عن إيقاف العشرات من الأشخاص المتورطين، بينهم إطارات وأساتذة ورؤساء بعض المراكز، وموظفون بالديوان الوطني للامتحانات والمسابقات.
بكاء وعويل داخل جلسة المحاكمة
خيّمت أجواء جنائزية على جلسة المحاكمة، بعدما أجهش أهالي المتهمين بالبكاء في حالة هستيرية، بمجرد إدخال المحبوسين الأربعة الى الجلسة مُحاطين برجال الشرطة، حيث وقف الجميع لاختلاس نظرة أو إشارة منهم، لأنهم لم يروهم عن قرب منذ قرابة 5 أشهر من تواجدهم في الحبس الاحتياطي، وبمجرد نطق قاضي الجلسة بقرار التأجيل، تعالت صيحات العويل والنواح، والجميع يُردّد عبارة "إنهم أبرياء، هُم ضحايا لا متهمين...".
وفي بهو محكمة عبان رمضان، اقتربنا من بعض محامي الدفاع، حيث استنكر المحامي حاج ناصر المُؤسس في حق (م،محمد الأمين) المنحدر من تلمسان، مدير مركزي بالديوان الوطني للامتحانات والمسابقات بالجزائر العاصمة، ادّعاء البعض أن المتهمين اعترفوا في التحقيق بتورطهم في التسريب، مؤكدا بالقول "ولا أحد من المتهمين معترف منذ تفجير القضية، ولا يزالون إلى اليوم متمسكين ببراءتهم الكاملة..."، وتأسّف المحامي كون موكله ابن شهيد ومن كفاءات الجزائر، لم يتورط منذ تعيينه بمنصبه منذ عامين بمشاكل، مضيفا "لو كان يريد التسريب، لسرّب موضوع البكالوريا لابنه الذي فشل في اجتياز الامتحان لمرّتين متتاليتين"، ومُعلّقا "ماذا لو كانوا أبرياء، من يُعيد كرامتهم المهدورة...؟؟".
فيما أكدت المحامية فاطمة قسوس المُؤسّسة في حق المدعو (ل، قسوم) مفتش تربوي بمادة الفيزياء لولاية بجاية، أنه من حق الإطارات المتهمين أن يعاملو ولو بقليل من الكرامة، في ظل غياب دليل ملموس عن تورّطهم.

المدير المتهم هو من تولّى تنصيب 29 كاميرا بمقر الديوان 
بعدها، وجدنا صعوبة في التحدث إلى عائلات المتهمين وأقاربهم وأصدقائهم، لتواجدهم في حالة تأثر شديدة،  فالنساء لم يتوقفن عن البكاء، ومع ذلك أقنعناهن بعد جُهد بالحديث معنا... شقيقة (م، محمد الأمين) مدير الديوان قالت باكية "...فقَد 14 كيلو من وزنه في الحبس، له 6 أطفال يعيشون اليوم وضعية مأساوية..." ليقاطعها أحد أصدقائه "كان من خيرة أساتذة الفيزياء بتلمسان، وكان مفتشا يشرف على 14 ولاية، ولم يشك منه أحد...". ومؤكدين أن م، محمد الأمين هو من نصّب 29 كاميرا وأجهزة التشويش لدى تعيينه مديرا لديوان الامتحانات. وعلمنا أن المدير أصيب بمرض السكري أثناء إلقاء القبض عليه، وهو يعالج الآن بالأنسسولين.
أثناءها، اقترب منا أصدقاء المُتهمين الذين حضروا لمساندتهم معنويا، وغالبيّتهم أجمعوا على أن مراكز إعداد مواضيع البكالوريا، أحصن من الثكنات العسكرية، لا يستطيعون فيها حتى التنفس "لدرجة أن أستاذا لم يسمع بوفاة والده..."، أما نجل المفتش (ق، لخضر)، فأكد لنا أن والده هو من كشف لأجهزة الأمن أثناء مغادرتها قرصا صلبا يحوزه، قائلا "لو كانت نيته إجرامية لكان أخفاه..."، في حين أكّد محامو الدفاع أن الأقراص الصلبة والـ "فلاش ديسك" التي تعتبرها العدالة دليلا ملموسا للتورّط، هي في الأصل كانت محجوزة مسبقا بطريقة عادية وموضوعة في مغلفات، من قبل مدير الديوان (المتهم) قبل مباشرة الأساتذة مهامهم حسبما ينص عليه القانون، وأكد المحامي سامي رحموني أن موكله كان يملك ترخيصا من المدير لحمل "الفلاش ديسك" لغرض تحسين الخدمة.
أما الشاب يعيش ناصر في 22 سنة، نجل المتهم (نجيب) مفتش تربوي بمادة الفيزياء من ولاية قسنطينة، فأكد أن والده شغل منصب رئيس مركز تصحيح في 4 ولايات منذ 8 سنوات... ولو كان من المُسربين لسرّب لي أنا وشقيقي مواضيع الباك الذي لم نتحصل عليه لـ3 مرات متتالية..."، ليختم حديثه بعبارات "وزارة التربية خذلت وأهانت والدي... وهو صابر ومُحتسب أمره لخالقه".
تعليقات فيسبوك
0 تعليقات بلوجر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إتصل بنا

الإسم الكريم البريد الإلكتروني مهم الرسالة مهم
كافة الحقوق محفوظةلـ . 2016
تصميم: حميد بناصر